ما الدليل على أن الله خالق الأجسام والأعمال؟
الله هو الخالِقُ الذي أبدَعَ وكَوَّنَ جميعَ الكائِنات وأبرَزَها من العَدَمِ إلى الوجودِ فلا خَلقَ بهذا المعنى إلا للهِ فما سِوى الله تعالى حَدَثَ بِخَلقِهِ تعالى وإبداعِهِ فالخَلْقُ هو الإبرازُ من العَدَمِ إلى الوجودِ ولا خالِقَ إلا الله. قال الله تعالى {قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [سورة الرعد:16] والشيء يشملُ الأجسام والأعمال. قال الرازي في تفسيرِ هذه الآية ولا شَكَّ أنَّ فِعْلَ العَبْدِ شَيْءٌ فَوَجَبَ أن يكونَ خالِقُهُ هو الله اهـ.
الشيءُ في اللُغَةِ هو المُتَحَقِّق الوجودِ و"كُلّ" من ألفاظ العموم فمعنى الآية هو أن كل ما دَخَلَ في الوجودِ من الأعيان والأعمالِ هو بخلق الله. والأعيان جمع عَيْن وهو كلّما له حجم أو كلّ ما له قيام بذاته.
والشيء يُطلَقُ على الأعمالِ فمثلاً إذا قيل أريد منك شيئاً أي خِدمةً فالخدمة هنا ليست جسمًا. قال الله تعالى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [سورة الصافات:96] فالآيتان صريحَتان في أنَّ اللهَ هو خالِقُ الأجسامِ والأعمال.
قال البيهَقِيُّ في القضاء والقَدَرِ عند ذِكرِ الآية: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} وما يعمَلُه ابن ءادَمَ ليس هو الصَنَم وإنما هو حركاتُهُ واكتِساباتُهُ وقد حَكَمَ بأنّه خَلَقَنا وخَلَقَ ما نَعمَلُهُ وهو حركاتُنا واكتِساباتُنا اهـ.
وفي هذه الآية "ما" يُسَمّى في اللغَةِ حَرفٌ مَصدَرِيٌّ والأحرُف المصدَرِيَّةِ تُمزَجُ مع ما بَعدَها بِمَصْدَر أي كأنه قيل في هذه الآية: "والله خَلَقَكُم وأعمالَكُم".